مر يوم آخر...يوم آخر من الخيبة والتعاسة...كان يراها كل يوم تقترب أكثر فأكثر، نقطة الانهيار تلك التي طالما خشيها...
وإذا كان بيده شيء يمكنه فعله إزاء ذلك، فلن يكون أكثر من الصمت، وانتظار بعض دغدغة الأمل تلك التي ضجرت منه و صارت باهتة...إن الأمل نفسه قد فقد الأمل من كل هذا
لا يدري كيف قاد السيارة، و لا كيف قادته قدماه إلى البيت، ولا كيف اهتدى إلى فتح الباب، لا يتذكر إن كان قد أكل شيئا أم أنه تهاوى مباشرة على فراشه، وقد ارتخى كل جسده...كان يحس بثقل في رأسه، وهذا المغص الدائم الذي لا يزول...ألم يعتصر معدته طوال اليوم و يتفاقم في المساء...
وليس الليل سوى رحلة حالكة في عالم الأرق و الفراغ...تنتهي حينا بسويعات نوم، و تمتد حينا آخر لتلامس خيوط الشمس الخجولة معلنة يوما جديدا...يوما يريد أن يراه جديدا، مختلفا عما سبقه من الأيام...فيتصنع النهوض بنشاط، و يحتج كل جسمه، و لكنه لا يبالي، و يواصل تصنع الحياة...يقف أمام المرآة متأملا وجهه...ويبتسم..."سأبدو اليوم جميلا و سيكون اليوم مختلفا...أعدك"...
يكتفي دائما بتمرير أصابعه الرفيعة في شعره لترتيبه، يغير قميصه، يضع في كفيه و على وجنتيه عطرا خفيفا، يبحث عن المفاتيح و الهاتف ثم يغادر الشقة في سرعة...
بعد ربع ساعة، يجد نفسه جالسا وراء مكتبه، و قد أمسك بين أصابعه قلما صار يدور في سرعة ليهوي أحيانا فيلتقطه من جديد...لقد كان ينتظر، ككل يوم، أن تأتي كعادتها لإتمام تخطيط أحد المشاريع الذي لم يعد يذكر أي المشاريع هو...
نهض بتثاقل و صار يذرع أرض المكتب جيئة و ذهابا...لقد طال انتظاره اليوم...تأخرت كثيرا..."يا إلهي، أمن الممكن أن لا تأتي؟؟"...زاد اضطرابه لمجرد التفكير في احتمال تخلفها عن الموعد...أحس بالمغص وقد صار يعتصره...ضاق به المكان...أيتصل بها ليطمئن؟ أم أن ذلك سيبدو مبالغا فيه إذ لا شيء يجبرها عمليا على الحضور كل يوم...
خطا إلى الباب بسرعة، سيطلب من لمى أن تتصل بالشركة و تسأل...كانت خطواته تسبقه، فتح الباب في عصبية وهب إلى الخارج و دون أن ينتبه أحس صدمة خاطفة على صدره، ودغدغ مسامعه صوت رقيق تأوه في ألم...تراجع إلى الوراء خطوة...نظر إليها مذهولا...بينما راحت تعتذر..."آسفة...لم أجد لمى فرأيت أن أدخل المكتب مباشرة..."
كان يبدو على ملامحها الهادئة الم خفيف...أحس بالذنب، لكم تمنى في تلك اللحظة أن يحتضنها ليهدئ من اختلاجها و خجلها، و ليعتذر عن رعونته دون الحاجة إلى الكلمات...و طغت على مخيلته صورة العناق، كان يحس بجسمه يرتجف و بأنفاسه تلتهب...كاد يغيب بذهنه عنه و عنها لولا أن ترقرق صوتها وقد دغدغه الخجل، و قالت برفق..."أعتذر عن تأخري، لقد تعرضت لحادثة صغيرة في طريقي، انفجر إطار سيارتي غير بعيد عن هنا، و ما حسبت أن المسافة على القدمين طويلة، قطعتها أخيرا لكنها قطعت أنفاسي..."
...إستجمع كلماته التائهة، و هو يبذل جهدا جبارا في إخفاء فرحه العارم بكلماتها التي حادت بالحوار بينهما عن المألوف، و بابتساماتها الخجولة التي كشفت أمامه امرأة شفافة، رقيقة...لم ينتبه قبل اليوم، رغم انتباهه، إلى بتلات الورد المتناثرة على وجنتيها، و ذلك اللمعان الشفاف المتلألئ في عينيها...يا إلهي، شكرا...شكرا لهذا الإصطدام الذي أذاب حاجز الجليد الرقيق بينهما...
و جاءت الكلمات الآن، جاءت لأنها بدأت تحبها هي أيضا...
"بما أن المسافة الطويلة قد قطعت أنفاسك، فإني أرى أن آخر ما تريدين فعله هو أن تهدري ما تبقى منها في الحديث فيما جئت تتحدثين فيه، أليس كذلك؟"...
إبتسمت و على عكس عادتها، لم تشح بعينيها الخجولتين عنه، بل ظلت شاخصة إليه، مبتسمة، تتأمله في نظرة حيرته و عصفت به ...
Elle était timide, il était timide. Ils sont passés à côté de ce qu'il veulent dire mais j'ai beaucoup adoré l'histoire qui s'est résumé dans cette timidité et tout l'amour caché entre les lignes. très sympa
RépondreSupprimerl'essentiel c'est de pouvoir dire quand il le faut...tu peux continuer la lecture de la deuxième partie...:)
RépondreSupprimerj'ai bien vécu des moments semblables mais j'ai réussis a franchir ce rideau de timidité par des simples rigolades qui font de moi un mec super sympathique . j’avais de la chance ni plus ni moins :)
RépondreSupprimer